عزلاء امام سطوته
قال بإقتضاب
إتفضلي
و أشار لها بالدخول إلي مكتبه
سبقها إلي الداخل لتلج هي من بعده و تسمع صوت إغلاق الباب من خلفها بواسطة السكرتيرة
تبعته و هي تعاين الغرفة المستديرة الحواف في فضول و إنبهار شديد جدرانها خشبية و الأرض رخامية و هناك في مكان قاصي قليلا ركن أشبه بالمطبخ الصغير وضعت به ثلاجة صغيرة و آدوات صنع الشاي و القهوة
عثمان متسائلا بهدوء
خير بقي أقدر أساعدك إزاي يا أنسة
سمر بهدوء مماثل متناسية موقفها العدائي تجاهه
زي ما قلت لحضرتك أنا كان بقالي شهرين باجي هنا بسبب مشكلة تخص شغل بابا الله يرحمه عندكوا
شرحت له سمر تفاصيل المشكلة
عثمان بجدية
بس والدك علي حسب كلامك كان فني مصاعد مش مهندس أساسي هنا في الشركة
مش فاهمة إيه الفرق يعني !
تنهد عثمان تنهيدة طويلة و قال
الفرق إن والدك عامل بالأجرة لو كان في عطل بيحصل في المصاعد هنا كان بيجي يصلحه و خلاص يعني هو و كتير من زمايله إللي هنا في نفس شغلته أسمائهم مش في سجلات التوظيف عندنا لأن ببساطة إحنا مجموعتنا إستثمارية و تجارية و مش بنحتاج كتير للنوع ده من العمال إحنا بنطلبهم بس بالأجرة زي ما قلتلك
يعني إيه !!
مط شفتيه بأسف و قال ببرود و هو ينقر بقلمه فوق سطح المكتب
يعني للأسف والدك مالوش مكافأة نهاية خدمة عندنا لأنه مش موظف أصلا ممكن يكون له مستحقات تقدري و إنتي خارجة تسألي تحت في شئون العاملين إذا كان في باقي حساب يخصه و لا حاجة !
أصيبت سمر بخيبة أمل أطاحت بصوابها فلم تعد تسمعه و هو يكمل باقي كلماته بل راحت تستمع إلي سيل جارف من التساؤلات تفجر فجأة بعقلها
هعمل إيه دلوقتي هتصرف إزاي إخواتي هيروحوا مني مش هقدر أعملهم حاجة ملك ھتموت و أنا أنا السبب أنا السبب
إنتي كويسة يا أنسة تسائل عثمان بشيء من القلق إلا أنه لم يلق إجابة
كانت الرؤية تنعدم من أمام سمر شيئا فشيئا إلي أن تلاشت تماما
وثب عثمان من مقعده و مشي ناحيتها بسرعة
إنحني صوبها و مد يده و هزها بلطف هاتفا
يا أنسة ! إنتي يا أنسة
تململ عثمان بمكانه و هو يرمقها في حيرة
أعملها إيه دي بقي غمغم لنفسه بخفوت ثم قام و توجه إلي مكتبه
ضغط زر الديكتافون المتصل بمكتب سكرتيرته و قال بصوت ثابت مسموع
شيري إطلبيلي دكتور الشركة فورا و تعاليلي بسرعة
في مكان أخر حيث يستند إلي مكتبه رجل في العقد الخامس من عمره شعره الأبيض تتخلله بعض الشعيرات السوداء و يبدو عليه الهيبة و الوقار
يستدير فجأة إلي إبنته و يهوي بكفه الغليظ علي صدغها لتصرخ مټألمة و بسرعة تتلقاها أحضان شقيقتها الصغري
فضحتيني يا ساڤلة قالها رشاد الحداد بصړاخ و تابع
سيرتنا بقت علي كل لسان جوزك طلقك يوم فرحك و الأسباب مش محتاجين نشرحها للناس مستقبلي و مستقبل أختك قضيتي عليه يا هخسر في الإنتخابات و هخسر كل حاجة بسببك يا إسمي بعد ما كان في السما خلتيه في الأرض
تعالي صوت نحيبها بينما حاولت شقيقتها تهدئة رشاد بقولها
خلاص يا بابي Please چيچي عارفة إنها غلطت و إنت عارف كمان إن عثمان غدر بيها ماكنتش عارفة إنه هيبعت وراها صحافيين
رشاد پغضب
إخرسي إنتي مالكيش دعوة أنا ليا حساب مع الكلب ده كمان بس مش قبل ما أخلص بإيدي علي ال دي
چيچي پبكاء و هي لا زالت تحتمي بحضن شقيقتها
إنت إللي غصبتني علي الجوازة دي أنا قولتلك مش بحبه و مش عايزاه ثم أكملت في تردد
إنت السبب يا بابي !
رفع رشاد ذراعه و إجتذبها من شعرها صائحا
أنا السبب فعلا أنا إللي سيبتلك السايب في السايب لحد ما فاجرتي و أخرتها سلمتي رقبتي لإبن يحيى البحيري
تأوهت چيچي پألم و قالت بصوت مهزوز إمتزج بدموعها
أنا ماكنتش أعرف إنه هيصورني و ماخدتش بالي من أي حاجة إلا يوم الفرح هو فاجئني
رشاد بخشونة
مضتيله علي التنازل ليه
هددني إنه هينشر الڤيديو
صاح بإنفعال
إنتي غبية ماكنش هيقدر يعمل أي حاجة كنت هتصرف أنا معاه و لا كنا إتفضحنا زي دلوقتي كده
ثم أفلتها فجأة و إلتفت محدقا في الفراغ و هو يتمتم بشراسة
ماشي يا إبن يحيى و الله لأكون جايبك الأرض مش هرحمك لا أنت و لا عيلتك !
إستيقظت ملك من نومها منذ حوالي ربع ساعة قضت هذا الوقت كله مستلقية وحدها دون حراك حتي ملت من و حدتها
فهمت بالصړاخ عاليا بقدر يجذب إليها أحد أخويها هكذا تعلمت و حفظت الطريقة التي تستقطب بها إنتباههما وفقا لعقليتها الصغيرة
و بالفعل لبي فادي ندائها و حضر إليها فورا
سكتت ملك بمجرد رؤيته ليبتسم لها و يقول بلطف
إيه يا ست ملوكة يا تري جعانة و لا صحيتي لاقيتي نفسك فاضية و قولتي أما أقرف فادي شوية هه ما تقوليلي إتكلمي
و راح يقوم بحركات بوجهه و هو يخاطبها فأخذت الطفلة تضحك له و هي ترفع ذراعيها الصغيرتين نحوه و تصدر أصواتا تختلط بضحكاتها
ضحك فادي معها ثم حملها و أخذ يلاعبها و يلاطفها
كانت ملك تحمل ملامح مشتركة بين كلا من والدتها و أختها سمر فمثلا ورثت لون بشرتها الناصعة و لون شعرها البندقي عن والدتها
أما خضرة عينيها الواسعتين فأخذتهما عن شقيقتها الكبيرة التي تمتاز هي الأخري بنوع خاص من الجمال يتمثل في شعرها الطويل الفاحم و بشرتها التي هي بلون الشوكولاتة الفاتحة و قوامها المتناسق الذي يحسدونها عليه جارتها و صديقاتها كلما يزورنها في بيتها
جلس فادي بالصالة و أجلس ملك علي قدمه ثم راح يهزها حتي لا تعود للبكاء بينما يشاهد هو إحدي المبارايات علي شاشة التلفاز الصغير
لفتت نظره سمر و هي تفتح باب الشقة بمفتاحها و تدخل فأغلق التلفاز و حمل ملك علي ذراعه و ذهب ناحيتها
فادي بتلهف
ها يا سمر ! عملتي إيه
رفعت سمر وجهها و هي تجيبه بتعب واضح
فادي هبقي أحكيلك بعدين أنا جاية تعبانة و مش شايفة