الإثنين 25 نوفمبر 2024

قصه مشوقه

انت في الصفحة 33 من 82 صفحات

موقع أيام نيوز


إليه بابتسامته المعهودة
اطمن يا فؤاد باشا أنا عمري ما أخذلك 
سأله في استعتاب غليظ
وجوازتك الخايبة دي تسميها إيه
سحب مهاب المقعد ليضعه على مقربة منه جلس عليه وأخبره بكلمات شبه موحية
راجل ومتغرب وعايش لواحدي يعني محتاج واحدة تشوف طلباتي 
ضاقت عينا فؤاد بغير رضا ومع ذلك أنصت لابنه وهو يوضح له أسبابه باستفاضة

وأنا قاصد أتجوز واحدة كده مقطوعة من شجرة تكون تحت رجلي وفي أي لحظة أقدر أرميها من غير مشاكل ولا ۏجع دماغ ده غير إني عاوز أجبر بيها واحدة في دماغي من صفوة
زوى ما بين حاجبيه سائلا
واسم العيلة
أكد له بما لا يدع مجالا للشك
اطمن محفوظ وعمري ما اسمح لحد يلطخه ولو عاوزني أطلقها في لحظة هعمل كده 
أبقى والده على صمته ولم يعلق بشيء مما دفع ابنه للتأكيد مرة ثانية عليه
كلها مصالح وأنا فاهم بعمل إيه كويس 
ثم مد يده ليمسك بكفه ضغط عليه برفق وطلب منه بحذر
المهم عندي ماتتعبش نفسك دلوقتي وترتاح 
من الناحية الأخرى وعلى مقربة منهما تلصص سامي عليهما في حيطة ليعرف ما الذي يدور بينهما من ورائه امتلأ صدره بالغل والحقد وهو يرى كيف استطاع خداع أبيه وجعله يتخذ 
عرفت تضحك عليه تاني طب أعمل إيه عشان أكسبه في صفي!!
قبل أن تتشبث برأيها وتحلق خلف أحلامها كانت مدركة للهوة العميقة التي وجدت بينها وبين عائلتها ومع ذلك اشتاقت كثيرا لنزاعهما الخالي من أي مكائد ففي الأخير لم تقم والدتها ستحظى بنعيم الدنيا ومتعها وفي النهاية سقطت في قعر الچحيم كم ودت لو هاتفتها وأطلعتها على ما مرت به لكنها خشيت من عتابها القاسې! تراجعت عن رغبتها تلك وانخرطت في همومها 
ملازمته لها خلال هذه الفترة أفادها إلى حد ما وهونت عليها الكثير بالرغم من إنكارها للتصريح بذلك علنيا أثرت الاحتفاظ بما تشعر به لنفسها تجنبا لأي مشاكل قد تطرأ من لا المسارح انتظرت رفع الستار لمشاهدة العرض الاستعراضي لإحدى فرق الأداء القادمة من الخارج كانت جالسة في الصفوف الأمامية في المنطقة المخصصة لأهم الضيوف لم تشعر ككل مرة بالفخر والغبطة بل بدت مشاعرها فاترة مشوبة بالضيق نظرت حولها في غير مبالاة إلى أن تكلم ممدوح فجأة وهو يمد يده بعلبة ما صغيرة الحجم مغلفة بورق مفضض
اتفضلي 
سألته وهي تتناولها منه
إيه دي
احتفظ بابتسامته الهادئة وهو يخبرها
هدية بسيطة 
اندهشت من الأمر وسألته مستفهمة وهي تحرك يدها بها
في مناسبة معينة
أجابها في بساطة شديدة جعل داخلها يرتبك تحيرا
لأ بس أنا كنت
حابب أجيبلك حاجة تفرحك 
ترددت في أخذها منه وقالت بحرج وهي تعيدها إليه
شكرا مكانش ليها داعي 
أصر عليها بملامح جادة
هزعل جدا لو رفضتي تاخديها 
دون أن يتكلم سرعان ما سحبت تهاني يدها وبدأت تفض الورق اللامع لتنظر إلى ما أحضره تفاجأت بزجاجة عطر باهظة الثمن رفعتها إلى مستوى نظرها متأملة إياها بانبهار واضح قبل أن تتحول عيناها إليه متمتمة بابتسامة رقيقة
برفان!
بادلها الابتسام وهو يقول بشيء من التمني
يا رب يعجبك أنا مش عارف إنتي بتحبي أنهو نوع بس حسيت إن ده مناسب لشخصيتك أكتر 
نزعت الغطاء ونثرت القليل من العطر في الهواء لتستنشق رائحته بعمق تغلغلت في رئتيها وأنعشتها مجددا نظرت ناحيته لتخاطبه بملامح مبتهجة قليلا
ريحته جميلة أوي 
علق عليها في انتشاء
مبسوط إنه عجبك 
وضعت العلبة مع غلافها المفضض في حقيبتها وواصلت كلامها إليه
متشكرة جدا يا دكتور ممدوح 
قال عن قصد ليزيد من ربكتها
أنا اللي شاكر جدا للبهجة اللي بترسميها بوجودك في المكان 
رمشت بعينيها في دهشة متعجبة فاستأنف بهدوء وكأنه لم يقل إلا ما رآه مناسبا
عجزت عن إيجاد المناسب من العبارات لتوصيف ما يفعله فعبرت عن ذلك بغير مبالغة
مش عارفة أقول إيه قصاد اللي بتعمله ده كله 
رسم على ثغره هذه الابتسامة الرائعة مخاطبا إياها
ولا حاجة كفاية إني أشوفك مبسوطة كده 
وليضمن إبقاء تأثيره عليها أضاف عن عمد
وما تشليش هم مهاب أنا كفيل أقنعه بأي حاجة 
بلا تفكير أخبرته في نزق
يا ريت لو تقدر تخليه يطلقني 
سكت للحظات قبل أن يفوه بحذر
هحاول بس خدي بالك هو دايما عنيد في حاجات معينة 
بغصة مؤلمة في حلقها اعترفت پألم
المشكلة إني مش فارقة معاه أصلا 
رد عليها بصوته الهادئ
الوضع بقى دلوقتي مختلف 
وكأنه تتأكد مما لمح إليه فسألته
قصدك بسبب الحمل
أيوه 
غامت تعابير وجهها فأوضح لها بنوع من التحذير المستتر
ده هيخليه يفكر مليون مرة قبل ما ياخد قرار باعتبار إن اللي في بطنك يخصه 
قالت في أسى
صعب أجيب طفل أظلمه بأب زيه إنت مش عارف هو وحش إزاي 
انتهز الفرصة وحاول استمالتها قدر المستطاع لتثق أكثر فيه قائلا
كل مشكلة وليها حل خلينا بس دلوقتي نستمتع بالأجواء الجميلة دي 
هزت رأسها موافقة وسألته
هو العرض هيبدأ امتى
قال مشيرا بعينيه نحو الستارة الحمراء
أظن خلال 5 دقايق بالكتير 
يتبع الفصل الخامس عشر الجزء الثاني
الفصل الخامس عشر الجزء الثاني
ليلة مغلفة بالدموع
ما لم تفهمه حتى هذه اللحظة هو إصرار رفيقه على ملازمتها كظلها ليل نهار وكأن لا عمل له سواها هي وحدها يبذل أقصى طاقاته للترفيه عنها والترويح عن نفسها فتنسى الفترة العصيبة التي مرت بها استنكرت تهاني استغراقها في التفكير في شأنه أكثر من الحد المقبول وكيف لها ألا تفعل وقد استحوذ على الفراغ الطويل المستبد بها بحضوره وتسليته في ظل غياب زوجها المستمر لن تنكر أنه أظهر لها جانبا من الاحترام ذاك الذي تمنت أن يكون صادرا من شريك حياتها المزعوم لكن للأسف الأخير تعامل معها
زجاجة العطر التي أهادها لها ممدوح بعد ليلة دافئة وعامرة بالاهتمام كانت شاهدا على الفارق بين الصديقين في المعاملة تبسمت في مرارة وخاطبت نفسها في ندم
مش لو كنت صبرت شوية كنت آ 
عجزت عن إكمال جملتها للنهاية وكأن الكلمات تجمدت على طرف لسانها فلم تستطع الإفلات من بين شفتيها كان من غير الصواب أن تعقد مثل هذه المقارنة بينهما لكنه من دفعها لذلك بتصرفاته القاسېة معها تغلغلت الرائحة أكثر في رئتيها فتذكرت كلام ممدوح معها وهو يستحثها على العودة لمتابعة دراستها مع وعده بتقديم كامل العون لها لتحقق ذاتها جرفها ذلك العلمي للتمسك بأمل جديد في عدم الاستسلام لحصار مهاب المهلك عليها بمقاومته فإذ ربما تظفر بأي شيء ينسيها خطئها 
امتلأ السطح عن آخره بالمدعوين من الجيران والمعارف والأقرباء لحضور
حفل الزفاف الشعبي خاصة مع انتشار الشائعات والأخبار عن طبيعة هذه الليلة الخاصة لكونها تمس سمعة وشرف إحدى قاطنات المنطقة بدا الجميع متشوقا لمشاهدة ما يحدث فور وقوعه لذا كان الزحام غير عادي بالنسبة لعائلتين لا تملكان الكثير من الصلات القوية شعرت فردوس وهي تجلس على المقعد الخشبي المبطن بقماش القطيفة الأحمر مجاورة لزوجها الجالس على مقعد مماثل بوجود خطب ما فالأعين كلها مرتكزة عليها بشكل أرعبها وكأنهم ينتظرون منها شيء ما زالت جاهلة به 
على قدر المستطاع تغاضت عن نظراتهم المزعجة ورسمت هذه الابتسامة المسرورة على محياها بالرغم من الارتباك الطبيعي الذي يساورها مالت عليها والدتها فانتشلتها من شرودها السريع حينما ربتت على كتفها في حنو نظرت إليها متسائلة بعينيها فهمست لها في أذنها بتضرع
ربنا يجعل ليلتك مبروكة ويفرح قلبك يا ضنايا إنتي صبرتي كتير 
ردت بنفس الابتسامة
يا رب 
اعتدلت عقيلة واقفة واتجهت ببصرها نحو شقيقتها التي راحت تصفق بكلتا يديها في حماس وهي تخاطب من حولها
ساكتين ليه يا حبايب زغرطوا كده وإملوا الدنيا بهجة خلي الكل يفرح ويتبسط 
أطلقت مثل النساء زغرودة عالية قبل أن تدندن مع نغمات الأغنية الدائرة في الخلفية بينما همهمت عقيلة بصوت شبه حزين وملتاع كأنما تكلم نفسها
ياما كان نفسي أختك تبقى حاضرة معانا 
سمعت فردوس هذه الشكوى رغم اختلاطها بالصخب فسألتها كنوع من الاستعلام
ماتصلتش خالص يامه بعد ما بعتي جواب ليها
أجابتها بحزن ما زال حيا بداخلها
لأ يا دوسة زي ما تكون نسيتنا 
ردت مؤكدة عليها
مسيرها تكلمنا ما إنتي عارفة لما بتحط دماغها في العلام والمذاكرة ما بتعرفش حد 
لم تكن مقتنعة تماما بتبريرها وقالت في إنكار
بس مش للدرجادي هي في غربة وبعيدة عننا 
قبل أن تضيف أي شيء جاءت أفكار وسحبت شقيقتها من ذراعها للجانب قائلة بوجه مبتسم على الأخير
وسعي ياختي
شوية أما أكلم دوسة كلمتين 
طالعتها فردوس بغرابة وسألتها في قليل من التوجس الحائر
خير يا خالتي
ظلت محتفظة ببسمتها الغامضة وهي تخبرها
بصي يا حبيبتي إنتي عارفة غلاوتك عندي وما بعملش إلا اللي فيه مصلحتك وبس صح كلامي
أومأت برأسها مرددة
مظبوط 
تابعت خالتها حديثها بنفس الأسلوب الغامض
لما ليلتك تخلص على خير عاوزاكي تنفذي اللي هقولك عليه بالحرف عشان نفرح بيكي كلنا 
سألتها بقلق أخذ في التصاعد
في إيه
منحتها نظرة ذات مغزى ورائها الكثير مما حيرها قبل أن تجيبها بما لم يرحها أبدا
هتعرفي بعدين بس اسمعي كلامي وإنتي تكسبي 
ثم فوق رأسها قبل أن تعاود التصفيق والتهليل الفرح تاركة ابنة شقيقتها على وضعها الحائر المتخبط تأكل رأسها الأسئلة والخواطر المزعجة 
من المفترض أن ينصرف الضيوف بعدما ينتهي ذلك التجمع لكن للغرابة ظل الغالبية حاضرين بالأسفل متجمهرين أمام مدخل البناية كما لو كانوا يترقبون حدوث شيء ما لم تعلق فردوس على ذلك وتغاضت عنه مثلما اعتادت أن تتغاضى عما يؤرقها مؤخرا هبطت الدرجات على مهل وساعدتها إجلال على رفع طرف ثوب عرسها لئلا تتعثر فيه وتتعرقل على السلم انتابها التوتر واختلط برهبتها من مجرد محاولة التفكير في تفاصيل ما سيأتي من ليلتها لم توضح لها والدتها أي شيء واكتفت بالقول الشائع عند العموم
جوزك فاهم وعارف هيعمل إيه 
وكأن في جهلها نعمة! لم تسع لاستنباط ما اعتبرته متجاوزا ولا يليق الحديث عنه طالما هي لا تزال ضحكت إجلال وخاطبتها في مرح
عاوزاكي بقى تدلعي يا دوسة ده يومك النهاردة 
ردت عليها وهي تحاول النظر إليها من طرف عينها
ما توترنيش أكتر من كده 
ضحكت مجددا وأكدت لها بمحبة صافية نابعة من قلبها
هتعدي على خير إنتي بنت حلال وعوض أفندي راجل محترم وبيعرف في الأصول 
حادت ببصرها عنها محدثة نفسها في استياء
وأنا أعرفه منين ده زيه زي الغريب عندي 
سرعان ما انتشر الحزن على صفحة وجهها لتتابع حديث نفسها المهمومة وقد دلفت من باب منزلها
منها لله اللي حرمتني من فرحتي الحقيقية!
الطريق إلى غرفة النوم الخاصة بالعروسين كان معروفا ومع ذلك لم تتركها والدتها أو خالتها بمفردها بقيت كلتاهما معها وهي تنتظر جالسة على الفراش قدوم زوجها للانفراد بها خجلت فردوس من تبديل ثوب عرسها وارتداء هذا الزي
 

32  33  34 

انت في الصفحة 33 من 82 صفحات