لن ابقي علي الهامش
على ربنا
صمت ياسين وكذلك أحمد وكلا منهما يتمنى لو عادت الأيام إلى الماضي ولكن هيهات
اسرعت سوسن لاستقبال مصطفي تطلعت إليه بقلق فلم يذهب إليها من قبل في ساعات متأخرة كهذه
سألته قائلة
في ايه يابني انت كويس !
مصطفى بتعب ايوة يا امي متقلقيش أنا هبات عندك النهاردة
سوسن ليه انت متخانق مع سوزي اه بنت الرفدي شدت حيلها أوي
ادخلته سوسن معلش ياقلب أمك انا اټخضيت عليك تعالي ياحبيبي ارتاح وانا أجوزك ستها وتجبلك الولد
فاض الكيل واطاحت والدته بتعقله فصاح بوجهها ايه اللي حضرتك بتقوليه ده ولد ايه وزفت ايه رضوى وسوزي الاتنين طالبين الطلاق تقوليلي اتجوز تاني قصدي تالت طب ايه رأيك اتجوز أربعة مرة واحدة ونخلص واللي تجبلي الولد تفضل والباقيين اطلقهم
انت بتتريق عليا علشان عاوزة مصلحتك
مصطفى مصلحة ايه دي وأنا مش لاقي حته أنام فيها
والدته ماهو من خيبتك سايب النسوان تركب وتدلدل رجليها بدل ما تديهم علي دماغهم
مصطفى بدهشة هو حضرتك مفكراني عربجي عاوزاني اضرب مراتي وام بناتي
والدته ببرود خلاص ياخويا طلقها ان كان دي ولا دي فقر بس سوزي لو طلقتها هتاخد علي قلبها مؤخر ومهر أد كده لكن رضوى مقدور عليها طلقها وريح نفسك واهي سوزي صغيرة وتقدر تخلف تاني لما تجيب الولد
حمل مفاتيح سيارته أوشك على الذهاب فتساءلت والدته قائلة
انت رايح فين !
مصطفى رايح لفيصل
سوسن مش قولت هتبات هنا ولا كلامي زعلك
مصطفى لأ يا ماما مش زعلان أنا محتاج اتكلم مع فيصل تصبحي علي خير
نظرت في اثره بسخط لتهمس پغضب
معرفش ايه الخيبة دي
انتهت الاخصائيه من سرد ملاحظاتها حول التغير الظاهر بسلوك الطفلين لتنظر همس إليها بحزن قائلة
الاخصائية بتعاطف كده أنا فهمت وفعلا الولاد ماشاء الله عليهم كانوا شعلة نشاط وذكاء فجأة بدأ مستواهم الدراسي يقل بشكل ملحوظ ده غير تصرفاتهم العدوانية مع زمايلهم
ادمعت عينا همس فاستكملت الاخصائية قائلة
أنا مقدرة ظروف حضرتك بس ياريت يبقي فيه اتفاق بينك وبين والدهم بحيث انهم ميحسوش باختلاف كبير الطفل في السن ده بيكون حساس جدا ومبيعرفش يعبر عن مخاوفه وبيترجم مشاعره في صور احنا بنعجز عن فهمها
همس بصدق أنا بحاول أعوضهم والله
الإخصائية حضرتك أنا متأكده من ده بس للأسف مش كفاية
همس بجدية حاضر أنا هتفاهم مع والدهم ونلاقي حل اكيد هنلاقي حل
غادرت همس مكتب الاخصائية ولم تتردد في الاتصال بفيصل الذي اجابها مسرعا وكأنه ينتظر اتصالها قائلا
همس بجدية احنا بخير بس ولادك محتاجين وجودك اكتر من كده لو تقدر تمر عليهم النهاردة ويقضوا اليوم معاك ياريت
فيصل بسعادة اه طبعا اجيلهم أمتي
همس باقتضاب وقت ما تحب مع السلامة
نظر طاهر إلى صورته بالمرآة وتنفس بعمق قائلا
أن الأوان تتصرف بنفسك يا طاهر مفيش وقت ولا مفر من الخطوة الجاية
كانت كاميليا تطالع والدها بإعجاب وعجب شديدين فهو في ابهى صوره متأنق ببراعة من يراه يخيل إليه أنه شقيقها الأكبر ليس إلا
تحدثت اليه بحب قائلة
ايه الجمال ده يا بابا ماشاء الله شيك جدا البدلة دي هو حضرتك رايح فرح!
طاهر بسعادة اقعدي
يا كاميليا
جلست الي جوار والدها وداخلها أمل أنه في طريقه الي اعلان موافقته علي زواجها من فيصل لكنه صدمها بعد أعلن قائلا
انا قررت اتجوز
كاميليا پصدمة
تتجوز! طب وماما
طاهر والدتك الله يرحمها هتفضل أول حب واكبر حب في حياتي
كاميليا ولو هي كده حضرتك هتتجوز ليه!
طاهر اعتقد اني مش كهل للدرجة دي أنا ٥٢ سنة والحمد لله صحتي كويسة محتاج ونس وواحدة تراعيني بعد ما انتي تتجوزي
كاميليا أنا مش هسيب حضرتك وممكن اقنع فيصل نقعد معاك لو تحب
طاهر لأ مستحيل مينفعش
كاميليا بتعجب يا بابا والله فيصل شخص كويس جدا ليه واخد منه موقف كده
طاهر بصي يا كاميليا أنا الست اللي هتجوزها مستحيل يبقي في تعامل بينها وبين فيصل وعلشان متقلقيش أنا خلاص موافق علي جوازكم ربنا يسعدك
احتضنت والدها بسعادة تغمرها وهرولت الي غرفتها تهاتف فيصل وتخبره بما قاله والدها
الفصل_الثالث_عشر
بكاؤنا ليس ضعفا لكنه حياة لصحراء الروح المقفرة مخرج لتلك الآهات التي بترت أجنحتها بيدي العادات وقيود التقاليد
لم تكن تلك المرة الأولى التي تقول فيها والدتها كلماتها المعتادة عليك بالصبر المرأة خلقت للتحمل لا تترك بيتك وزوجك سيرجع مهما فعل زواجه مجرد نزوة ليس إلا كلمات باتت محفوظة تستمع إليها رضوى في كل مرة في صمت إلى أن انتهى صمتها وأعلنت عن اڼهيارها قائلة
خلاص كفاية ايه كل مرة نفس الكلام مفيش مرة تاخديني في وتقوليلي بالكدب اقعدي يابنتي وسيبك منه مفيش مرة اشوف في عنيكي نظرة حزن علشاني ياستي عارفه ان الحال على الأد وانكم مش حمل رضوى وبناتها بس أنا تعبت تعبت أمثل اني قادرة اتحمل مبقتش عارفه اتنفس من كتر الۏجع
لم تعقب والدتها ليس قسۏة منها ولكن بعض النساء نشأن في تربة فاسدة فسادها يرجع إلى مبادئ ومورثات بالية تقتضي بأن يفعل الرجل ما يشاء ومهما حدث على المرأة الصمود
أرض قاحلة ټقتل أزهارها اليانعة ولا يصمد ويبقى داخلها سوى النباتات الصلبة شديدة القوة
اقتربت زوجة أخيها قائلة بتعاطف
متزعليش يا ابلة رضوى والله أمك ما تقصد تزعلك وبعدين مين قالك اننا مش عاوزينك ده انتي تقعدي علي دماغنا
ابتسمت رضوى پانكسار قائلة
ربنا يكرم أصلك يا هناء معلش وجعت دماغكم انا قايمة مروحة
هناء بإصرار والله ما انتي ماشية تعالي نطلع الشقة فوق ريحي شوية وسيبي البنات جوة مع ولاد خالهم
رضوى بخفوت معلش مرة تانية
اقسمت هناء قائلة أنا حلفت بالله هتخليني أصوم وأنا مبحبش في حياتي أد الأكل تعالي بس ده أنا زارعة نعناع اخضر في البلكونة هنشرب شاي ونظبط دماغنا
تحدثت والدتها بلوم قائلة
اقعدي يا بنتي أنا مش هتكلم تاني طالما بتزعلي اقعدي اتغدي معانا
رضوى بهدوء
أنا شبعانة يا ماما بالصحة والعافية
هناء خلاص يا ماما أبلة رضوى مش هتكسر بخاطري صح يا أبله
ابتسمت رضوى ابتسامة باهته لكنها بالفعل تحتاج إلى عائلتها ولو لساعات قليلة صعدت مع زوجة شقيقها وتمتمت والدتها قائلة برجاء
ربنا يهديكي يابنتي ويريح قلبك انت عالم بحالها يارب وعالم بحالنا
عندما يلجأ الرجل إلى ذراعي زوجته دون سواها عندما يصفعه صقيع الحياة فيرتعد بدنه وترتجف روحه من فرط برودتها ولا يجد الدفء إلا فهنا تكتمل وتسمو الحياة الزوجيه فالأمان يعلو فوق الحب والاحتواء يمحو أي اشتياق لشخص أخر
بعدما عاد ياسين بحث عن زوجته فوجدها تطوي بعض ثيابه وثياب اطفاله نظرت إليه فشهقت بفزع قائلة
مالك يا ياسين حصل ايه
اجابها بخفوت مش قادر اتكلم يا أماني نفسي أنام بس خليكي جنبي متمشيش
أماني بقلق طب قولي فيه ايه
ياسين أنا أسف بتعصب عليكي كتير ڠصب عني
أماني وايه يعني انت تعمل اللي يعجبك حد اشتكالك!
ياسين لو حصلي حاجة يا أماني خلي بالك من نفسك والعيال واتوصي بأمي
احتضنته بقوة وهمست إليه قائلة
ربنا ما يحرمنا منك انت سندي وجوزي وحبيبي أبو ولادي وشمس بتدفيني وتقويني أوعى تعمل في نفسك كده علشان حاجة أو اي حد
أغمض عيناه واطمأن قلبه وغفا ربما هروب من صډمته وربما ارتياح مما قالته فهو لن يحتمل أن ېؤذيها مهما حدث
ومرت أيام أخذ ياسين بيد نفسه بالصلاة وتلاوة القرآن ومساعدة بعض النفوس النقية لكنه وكعادة الإنسان يبدأ في لوم نفسه ترى لو أنه تمهل ولم يتزوج أما كانت فرح لتنتظره ولو لم يكن نصيبها ان لم يتزوج لما تزوجت لحظات من ضعف تأت وتذهب لكنه يغالبها رغم أن كل السبل تقربه إليها ويفر هو بعيدا
تذكر ما حدث وقت مولد ابنته الأولى وهاد بذاكرته إلى الوراء
فلاش باك
كانت أماني تتابع حملها بعيادة طبيب توليدابن خال ياسين مرت أشهر حملها ليصدم اثناء ولادتها بوجود فرح
تحدث اليها بدهشة وحنين قائلا
بتعملي ايه هنا يا فرح !!!
تحدثت بصوت شجي
بشتغل هنا انت ناسي اني مممرضة
ابتسم بداخله وكيف له أن ينسي فقد اعتقد لسنوات ان رفض والدتها المتكرر عائد إلى رغبتها في زوج يليق بابنتها لقد استكملت تعليمها بمعهد تمريض وربما كانت تطمح في الزواج بطبيب أو
شخص يرفع من مستواها
تساءل بقلق بعدما استمع الي صوت لطفل يبكي
هو اللي بيعيط ده ابني
اجابته بمرح طفيف
الله اعلم في كام واحده بتولد النهاردة عموما هروح اطمن واجبلك النونو كمان لتصدق في قولها وتأتيه بطفله تحمله بسعادة وتعطيه اياه
حمله ياسين برفق وتنهد بارتياح ليتردد في سؤاله لكن القلق دفعه ليقول
وأماني عاملة ايه ينفع أشوفها
لم تجبه على الفور لحظات وابتسمت بخفوت قائلة
ادخلها يا ياسين بتسأل عنك
نظر فيصل إلى مصطفى بدهشة فهو لم يتخيل أنه يعد اطعمة شهية بتلك الصورة ابتسم اليه مصطفى قائلا
ايه رأيك الأكل حلو
فيصل ممتاز يابني انت لما قولت بتعرف تطبخ افتكرت انك بتهزر بس ازاي ده احنا ياما اتعزمنا عندك ومفيش مرة شوفتك بتعمل حتى كوباية شاي
تنهد مصطفى بضيق قائلا
انا قضيت سبع سنين في الغربة يا فيصل كنت بطبخ وانضف واغسل بإيدي الغربة بتعلم كل حاجة وأهم حاجة بتكسبها انك بتتغير معرفش ازاي بس بتحس انك اتبدلت
تعرف أنا أول ما سافرت كنت حرفيا ھموت من شوقي لرضوى وبناتنا كنت بنام كل ليلة أحلم بيهم بس بمرور الوقت بدأت اتعود واقنع نفسي إن كله لمصلحتهم بأمن مستقبلهم
فيصل كلنا بنتغير يا مصطفى
مصطفى أنا عارف اني شخص متعب مقدرش انكر بس الوحيدة اللي قبلتني بكل عيوبي كانت رضوى والله أنا حبيتها يا مصطفى بس مش فاهم حصلي ايه
يمكن الفلوس خلتني اتمرد ويمكن نقد أمي ليل نهار لطريقة لبسها وشكلها حتى كلامها خلاني مع الوقت أبرر لنفسي واكرر نفس كلام أمي
فيصل أهدى بس وان شاء الله كل حاجة هتتحل
مصطفى مفيش حاجة هتتحل أنا حرفيا مش طايق سوزي مش قادر ابص في وشها بس ربنا عاقبني انها خلفت وللأسف مينفعش اتخلى عن بنتين ملهمش ذنب
فيصل ازاي الكلام ده انت كنت هيمان بيها!!!!
مصطفى مجرد رغبة يا فيصل لحظة ضعف ولما انتهت فقت بس فقت متأخر أوي
فيصل مازحا خلاص سيبك من السيرة دي خلينا نتعشى ده أنا کرهت نفسي من أكل المطاعم
مصطفى رجع همس يا