لن ابقي علي الهامش
حضرتك ترفع الخلع أنا مش عاوزة منه أي شيء
اومأ إليها متفهما موقفها واتفقا علي التفاصيل وغادرا المكتب في صمت
ابتسمت اليه بامتنان عجزت عن ترجمته إلى كلمات وأدمعت عيناها وبداخلها خوف مما هي مقبلة عليه تحدثت اليه بوهن
متشكرة اوي يا ياسين وأسفه اخدتك من الدار للڼار
ياسين ممازحا إياها
همس بجدية
فيصل مستحيل يطلقني حتى لو وافق حبه لولاده هيمنعه أنا عارفه تفكيره كويس
ياسين خاېف ټندمي يا همس الطلاق مش لعبة وولادك محتاجين أبوهم
همس عارفه يا ياسين ومستحيل أبعد ولادي عن حضنه مهما عمل حضڼ الأب مبيتعوضش بس حقي أعيش ووجودي معاه وعلي ذمته هيقتلني هيدمرني تماما
همس پانكسار هتقوله ايه ارجع لهمس متتجوزش غيرها هتقوله متنساش حب السنين
ياسين متعيطيش بدل ما اروح اخلص عليه
ابتسمت همس مرغمه فبادلها ياسين بود أخوي
حد قالك اني ممكن اصغر همس او ارخصها انا لو رحتله كنت هقوله فوق وشوف هتضيع ايه من ايدك كنت هضربه علي دماغه يمكن يحس بغلطه مستحيل اسمحله هو او غيره يقلل من اختي الأميرة اللي حفي لحد ما اتجوزها
تنهد ياسين بضيق وحزن من اجلها وجاهد ان يبدو هادئا أمامها هتف بعد قليل قائلا
تعالي أوصلك البيت واروح البلد أسلم على الجماعة والولاد واجيلك بكرة
همس خليك براحتك ووقت ما احتاجلك هكلمك
ياسين بجدية هشش بلاش رغي عالفاضي انتي عارفه اني مش هرجع في كلمتي وهجيلك
ياسين يبقي خلاص متشغليش بالك بحاجة ان شاء الله ربنا هيحلها
همس حاضر بس علشان خاطري ارتاحلك يومين تلاته وتعالي بالله عليك انت جاي من سفر ومحتاج راحة
ياسين حاضر ياهمس علشان خاطرك هريحك وهجيلك نهاية الاسبوع تمام!
همس تمام
وصعدت إلى السيارة وإلى جوارها ياسين أغمضت عيناها تسترجع ما حدث بينها وبين فيصل في أخر لقاء جمع بينهما ومنذ تلك اللحظة لم تراه
غادرت همس مسرعة تلملم شتات روحها المتألمه تهرول بخطوات غير محسوبة كي لا تفقد صلابتها الزائفة وتبكي أمامه هو وكاميليا
استوقفتها مودة قائلة
استني يا همس هتجريني وراكي اصبري حبيبتي
همس بصوت يكاد يكون مسموع
مش قادرة اقف يا مودة هيغمي عليا من التعب
لم تكمل كلماتها وفقدت وعيها بالفعل بين يدي مودة وفيصل الذي التقطها بعدما أسرع ليلحق بها هو الأخر
قام فيصل بفحص نبضها وبداخله لوم قاټل تنحنحت مودة بحرج
قائلة
مش هنوديها مستشفى يا دكتور فيصل
فيصل بجدية مفيش داعي همس لما بتزعل ضغطها بينخفض ويمكن مأكلتش كويس فده السبب
مودة طب حضرتك هتروح البيت ولا أخدها أنا اروحها
نظر إليها فيصل بنفي قائلا
علي فكرة همس لسه مراتي
مودة بحرج انا مقصدش والله بس الانسة اللي كانت معاك يعني
انتبه الأن فيصل لأمر كاميليا لكنه لم يعقب فالوقت مازال مبكرا وبإمكانها العودة الي بيتها ما يهمه الأن أن يتحدث إلى همس
مر بعض الوقت وأفاقت همس ووجدته الي جوارها نظرت إليه دون تعبير واضح وكأنها لا تعلم من هو تطلع إلى ملامحها بتفحص إلى أن سألها بترقب
همس انتي كويسة
همس بتعب فين مودة
فيصل قوليلي الأول انتي كويسة مودة روحت بيتها أنا معاكي
اعتدلت همس رغم تعبها قائلة
متشكره تقدر تمشي
امسك يدها فنفضت يده بقوة فاجأته لتتحدث بتحذير
الايد اللي لمست غيري مستحيل تلمسني تاني يا فيصل كف ايدك ده من شوية كان حاضن ايدها بكل سعادة وشفتك بعيني
أخفض بصره ولا يجد ما يقوله فباغتته برجاء مؤلم
ارجوك طلقني يا فيصل طلقني وابعد عني
هب واقفا ونظر إليها بجدية قائلا بلهجة قاطعة
مش هيحصل يا همس قولتلك قبل كده انا مش هطلقك
ابتسمت همس واجابته بنفس الثقة
متشكره يا دكتور أنا كده عملت اللي عليا
فيصل پغضب
تقصدي ايه يا همس
همس قصدي هتعرفه في وقتها لو سمحت انا تعبانه ومحتاجة أنام مش قادرة اتكلم
انتهى من قراءة الفاتحة فوق قبر والدته وغادر مسرعا وكأنه يخشى عتابها له ترى لو أنها مازالت علي قيد الحياة هل كانت لتسمح له بالزواج بأخرى لقد كانت عاشقة لهمس وكانت همس كما الابنة لها لقد احسنت إلى والدته حتى لحظة ۏفاتها تلك اللحظة الفارقة التي زلزلت كيانه وابدلته بشخص أخر تائه ومتخبط
لو علمت أنه ابن أبيه لأعلنت ڠضبها ورفضها لوجوده
هل حقا نحن غصون لأشجار جذورها أب وأم نشبههما في كل شيء
جال بخاطره ذكرى بعيدة لزواج والده بأخرى تصغر والدته وتفوقها جمالا كسرت كبرياء وقلب والدته لكنها لم تتخل عنه بل أفنت ما تبقى من عمرها في احتوائه وتربيته بينما ابتعد والده وانشغل بعالمه الجديد ولم يلتقي به منذ تلك الليلة سوى لحظة الوداع الأخير فقد ټوفي والده تاركا خلفه قلوب محطمة
أغمض عيناه يتذكر ما حدث منذ سنوات
داخل مشفى ضخم يرقد جثمان والده وبجواره اولاده من زيجته الثانية نظر إليهم فيصل بغيرة فها هم يحيطون بوالده في حياته وعقب ۏفاته بينما هو قد حرم منه لم يتسنى له ان ينعم بقربه ولم تأته فرصة لوداعه
تتابعت دموعه بغزارة وكأنه مازال واقفا بينهم فأفاق من شروده وغضبه يحركه
تحدث إلى نفسه بإصرار وغرور وهن
أنا مستحيل اظلم ولادي زي ما ابويا عمل ومش معنى اني هتجوز اني انساهم وهتشوفي يا همس!!
الفصل التاسع
منذ ان عادت بمفردها إلى بيتها ورأسها يدور بداخله تساؤلات لا حصر لها ترى هل هي مخطئة وما الخطأ في وقوع أحدنا أسيرا للحب أما يقولون أن القلوب مأمورة ولا سلطان عليها هي مطلقا لم تتقرب إلى فيصل بل جاهدت في الابتعاد لكنها لم تستطع تلك كانت قناعاتها هي ولكن الحقيقة دائما لها وجه واحد وجهها لا يراه سوى من يبعد عن عينيه غشاوة الرغبة وجنون الامتلاك
ارتدت ملابسها وهمت بالخروج لكنها اصطدمت بجسده وكادت أن تقع لولا احتضانه لها وكأنه سند محال أن يتركها تميل
توردت وجنتاها ونظرت إليه بامتنان قائلة
أسفه يا فارس كنت مستعجلة لأني اتأخرت عالشغل
فارس بجدية ولا يهمك انت دايما مستعجلة يا كاميليا
كاميليا بحدة
تقصد ايه اسمع يا فارس مش معنى اني رفضت ارتبط بيك تتعامل معايا بالشكل ده انت مهما حصل ابن عمتي
فارس بكبرياء جريح
وانتي بالنسبة ليا اخت مش اكتر وموضوع ارتباطنا ده كان بسبب إلحاح أمي
كاميليا بتوتر يعني انت مش بتحبني!!
فارس بسخرية
طبعآ بحبك زي اختي الصغيرة بالظبط واه بالمناسبة مبروك عالخطوبة عقبال الفرح
كاميليا بعناد قريب ان شاء الله
فارس ربنا يسعدك انت وهو لايقين علي بعض في بينكم كيميا عالية
كاميليا مش عارفه حاسة انك بتتريق ليه
فارس بصوت هامس
لما هتحبي بجد يا كاميليا عيونك هتتكلم قبل ما انتي تتكلمي هتلمع بطريقة مختلفة مش هتنطفي بالشكل ده
تركها واقفه وغادر صافقا خلفه الباب پغضب فشل في اخفاءه بينما تمتمت هي بحزن
مش نقصاك والله يا فارس ليه كلكم واقفين ضدي
مر ما يقرب من النصف ساعة وكاميليا واقفه بانتظار سيارة تقلها الي المشفى دون فائدة تأففت بضيق فقد تأخرت للغاية نظرت إلى ساعة يدها وتحدثت پغضب قائلة
اوف هو يوم باين من أوله اتأخرت جدا
تحدث من خلف ظهرها قائلا
تعالي أوصلك في طريقي
التفتت اليه قائلة لأ مش عاوزة
تحرك فارس دون ان يلتفت إليها قائلا
براحتك أنا قولت أساعدك
هرولت خلفه بغيظ إلى أن لحقت به قائلة
استنى انت ما صدقت قولتلك لأ
فارس وهو لازم كل حاجة اتحايل عليكي مرة واتنين
كاميليا بحزن
مش يمكن بشوف رد فعلك بشوفك بتتكلم بجد
ولا مجرد عزومة وكلام عالفاضي
فارس كل شيء ممكن يا دكتورة تعالي اوصلك مع ان طريقنا مش واحد
صعدت كاميليا إلى جواره وتحرك فارس في صمت فلم يعد هناك ما يقال
لم يصدق ياسين انه قد عاد بالفعل إلى بيته وأسرته يقبل يدا والدته بحب واشتياق واشفاق عليها مما أصابها من وهن العمر وتقدمه واه مما يعانيه قلب ابن ابتعد مجبرا عن حضڼ والدته وكلما عاد يستشعر ضعفا يبكي فؤاده خوفا من الفراق
اقتربت أماني تحمل بين يديه الكثير من أنواع الحلوى المختلفة التي أعدتها وتفننت في تزيينها من أجل زوجها الذي تضاعف غربته عشقها له
كان محاطا بابنائه الثلاث وابنتيه فوق قدميه يستمدان من قوته قوة خاصة فقط بالابنة وابيها
تحدثت أماني قائلة
انزل يا سما انتي وبوسي اقعدوا جمب بابا علشان يرتاح
اعترض هو قائلا
سيبيهم ولا انتي غيرانة منهم
ابتسمت والدته بحب قائلة ربنا ما يحرمهم منك يابني
ياسين ولا منك يا ست الكل
تطلعت إليه أماني بغيظ قائلة
وأنا هغير من ايه انت ليا أنا لوحدي ولا عندك اعتراض!!
قالتها وهي تلوح بالسکين الذي تقشر به حبات البرتقال من أجله فرفع يديه قائلا باستسلام مرح
أكيد طبعا العمر مش بعزقه
تساءلت والدته في تعب قائلة
عملت ايه مع همس يابني
ياسين بترو متقلقيش ان شاء الله خير
الأم يعني اتصالحت مع جوزها ولا عملت ايه
ياسين اخر الاسبوع هروحلها ومش هسيبها غير لما اطمن عليها
أماني بغيرة طفيفة يعني يومين الأجازة هتضيعهم بعيد عننا !
ياسين يعني أسيبها لوحدها يام اسلام
أماني مقصدش والله بس
ياسين متقلقيش الاجازة مش هتضيع ولا حاجة ادعولها انتم بس ربنا ييسرلها الخير
وعندما ترى من حولك قطعة من روحك تتحرك إلى جوارك تختلف الحياة بعينيك ويغمرك مشاعر أخرى لم يخيل إليك ان تحياها
رؤيته لأطفاله وقد تغيرت ملامحهم بغيابه عاما جديدا تدعوه إلى البقاء بعيدآ كي يضمن لهم تلك السعادة والاستقرار الذي يحلم به عليه البقاء بعيدا كي لا يضعف فيهدم بيديه عالمه الذي أسسه هو وزوجته
في المساء وكما جرت العادة توافد الأهل والاصدقاء علي زيارة ياسين ورؤيته وكانت شقيقتاه أولى الحضور
أتى أحمد والذي اشتاق الي صديقه تبادلا السلام والحديث لساعات إلى أن حل الليل وغادر كل إلى بيته ونام الجميع والسعادة تحيطهم وبقى هو يتذكر وكأنه لا يتقن شيئا سوى ادخار الذكريات
عودة بالزمن إلى سنوات مضت
تنهد بحزن وتمنى بصدق خالص أن تنعم فرح بحياة هادئة مع زوج يمنحها من الحب ما تستحق
لقد ټوفيت والدتها