السبت 30 نوفمبر 2024

روايه بقلم ډفنا عمر

انت في الصفحة 56 من 69 صفحات

موقع أيام نيوز

سماءه منحة بعد منحة يتلقاها جسار وداخله يذوب حمدا لله من فرط كرمه بعد أن كاد اليأس ېمزق خافقه ولأنه عاش عمرا لا يدري شيئا عن والدته صار بتسأل مثل طفل لحوح فضولي
كلمني عن ماما يا بابا 
كانت بتحب ايه 
پتكره ايه
ملامحها تشبهني
أكيد كانت جميلة صح
ليها معاك صور
أسئلة انسابت من شفتيه وهو يجالس والده فرمقه أمين بحنان طاغي وتركه في موضعه متوجها لزاوية ما بغرفته ومن إحدي الأرفف الموصودة بخزانته جلب له ألبوم صور قديم يحتفظ بين صفحاته بذكراياته القصيرة مع زوجته الراحلة ريحانة 
system codeadautoadsانتزاعه جسار من يد أبيه بلهفة شديدة و راح يتصفح ألبوم الصور المكتظ ملامحها الحبيبة ليتآوه قلبه وهو يرى ملامح والدته للمرة الأولى وعيناه تحتضن محياها بشغف سحابة دموعه تكثفت وفاضت من عينه لتنهمر دون شعوره وهو ينهل من صورها القديمة وهي شابة جميلة هنا تبتسم هنا تضحك هنا تتعانق بأناملها مع أنامل والده هنا تأكل 
كلما تصفح الصور كلما ازدادت دموعه ليجرفها أمين له بحنان وهو يغمغم كانت ملاك من كتر طيبتها كل الصفات الحلوة كانت في أمك ريحانة كانت زي أسمها عبيرها بيتخلل جواك من غير ماتحس 
خسارة مش واخد من ملامح أمي حاجة 
قالها جسار بحسرة حقيقية ليهتف والده أنت واخد شعرها وشكل الحاجب ووارث منها حساسيتك للألبان 
ثم ملس علي شعره وقالتعرف أنا عندي ليك حاجة هتفرحك جدا يا حبيبي هدية من أمك ريحانة ويمكن تكون بشړة خير للي جاي 
راقبه جسار وجذوة لهفته لا تنطفيء و والده يتركه وقت قصير ليعود ومعه حقيبة كبيرة فض له ما فيها ليبصر جسار ملابس متنوعة وأشياء كثيرة تخص طفل رضيع وأبيه يوضح
دي هدوم ولعب والدتك كانت اشتريتهم عشانك لما وصل حملها فيك للشهر السابع دي كل حاجتك اللي هي أختارتها بذوقها كانت بتنتظرك بفارغ الصبر سبحان الله ماكانش ليك فيهم نصيب يا ابني كأنهم اتجابو لولادك مش ليك انت 
system codeadautoadsواستطرد وهو يربت علي وجنته بحب ولادك ياجسار اللي ربنا هيكرمك بيهم بإذن الله أول حاجة هتلمس جسمهم الهدوم اللي أختارتها والدتك اللي هي جدتهم 
بحرص كبير كأنه يحتوي بين يديه ماسة غالية التقط جسار قطع الملابس الصغيرة وراح يتشمم عبقها بشوق وعين خياله تجسد له والدته أمامه وهي تبتسم القدر كان رحيم به ادخر له هداياها لتكون زاده وزواده بعد الفراق كل قطعه ملابس تحكي له شيء عنها الألون التي كانت تفضلها ذوقها الرقيق حتى في ألعابه الصغيرة راح يلثم كل شيء وبدأ يبكي بصمت ليشاركه أبيه البكاء ثم العناق مغمغما بعدها خلاص ياجسار كفاية دموع ياحبيبي كل واحد بياخد نصيبه والحمد لله انك رجعت لحضني تاني أوعدك اعوضك كل اللي فات من اللحظة دي هتاخد كل حاجة أولهم أسمي انت كبير عيلة أمين الرشيدي كل اللي املكه بقي ليك 
بدا جسار كأنه بعالم أخر لا يسمع والده غارق بين أشيائها يتخيلها معه تلاعبه بتلك الألعاب تفهم أمين شروده وقدره فمكث يتأمله بصمت ليرتوي منه ومازال لا يصدق أن طفله عاد إليه شابا يتعكز عليه في أخر العمر 
مبروك رجوع ابنك يا أمين
رغم أن عودة أبنه رحمة من رب العالمين ليكون سندا له ولشقيقته سارة وابنتها الوحيدة إلا أن شعور الغيرة بدأ يثقب قلبها بسهامه الچارحة بعد هذا العمر وهي تسمع أمين زوجها يحدث ابنه جسار و يتغنى بسيرة والدته ريحانة ويذكرها له بحنان كأن رجوع
جسار أحيا عاطفة زوجها تجاه زوجته الراحلة لا تعرف ما الذي يحدث معها هل تبالغ حين تغار من سيدة لما تعد موجودة بدنياهم حقا لا تدري 
تنهدت صابرين بقلة حيلة هي بكل الأحوال تخفي مشاعرها تلك ولن يعلم عنها أحد 
الله يبارك فيكي يا صابرين ربنا كريم وحفظلي ابني ورجعه لحضني تاني 
تبسمت له بتوتر الحمد لله يا أمين أن ربنا جمعكم 
لاحظ غموضا بعيناها وطيف حزن تحاول إخفاءه فتسال باهتمام مالك يا غالية
أبدا مافيش حاجة 
امسك كفها برفق و قال لو بعد العمر ده كله ماعرفتش اقرا عيون مراتي يا صابرين يبقي اللي بينا ماكانتش عشرة 
حدجته مليا قبل أن تهمس وعيوني بتقولك ايه يا امين 
منحها ابتسامة رائقة وهو يخبرها بتقولي انك ماتعرفيش غلاوتك عندي يا شريكة العمر 
برقت مقلتيها برضا فاستطرد أنتي عشرة
سنين طويلة عشنا فيها كل حاجة ام بنتي ونور عيوني الصدر الحنين اللي بلاقيه لما احتاجه 
لمعت عيناها بسحابة دموع من إظهار مشاعره بما ترضاها وربت على قلبها وهو يواصل موضحا لها كلامي عن ريحانة والدة جسار ده حقه عليا لأنه اتحرم من أمه أقل حاجة اعوضه بيها اني اكلمه عنها ده مسكين ما داقش حنانها لحظة واحدة لو تشوفي وهو بيتفرج علي صورها ولعبه اللي كانت جايباها عشانه كأنه رجع طفل صغير حسيت انه كان مبسوط وناسي الدنيا ده كل اللي ناله من أمه يا
55  56  57 

انت في الصفحة 56 من 69 صفحات